قصص

قصه عمارة الجن الاسود ( كامله)

“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية والعهدة عالراوي”
القطط الملا.عين! اأجسام الفرو الصغيرين دول اللي معندهمش عمود فقري ولا عضم ولا إحساس ولا د.م، تقريبًا رسالتهم في الحياة ينغصوا عليا عيشتي، مش بيبطلوا خنا.قات ودوشة وتكسير وتخبيط وماراثون على السلالم وفي مدخل العمارة، ياما نفسي أكتب رواية عن راجل قدر يقهر القطط ويسيطر عليهم ويخليهم خاضعين لأوامره وبعدين يسيبوه في حاله ويمشوا لجزيرة القطط في وسط محيط حيث مفيش وسيلة يوصلوله بيها ويعيش في سلام وهدوء وتبات ونبات ويخلف صبيان وبنات أو صبيان بس أو بنات، اللهم لا اعتراض، المهم القطط يغوروا…
وطبعًا الليلة دي كانت زي الليالي السابقة، إيه اللي هيختلف يعني؟
كالعادة وبما إني للأسف عايش في الدور الأرضي من العمارة سمعت صوت حركة جامدة على السلم قرب المدخل، الساعة كانت 11 بليل وأنا مرمي على السرير هل.كان من الشغل وبدأت أغ.رق في النوم لكني حلفت أقوم أن.كد عليهم زي ما بين.كدوا عليا، أخدت المقشة بسرعة من المطبخ ونزلت بالفانلة الحمالات وبنطلون البيجاما المخطط، كنت زي الجاموسة الجام.حة اللي حد زعلها وهتدوس على اللي تشوفه في وشها، وأخبط على السلالم بالمقشة وأنا نازل لكن القطط بنت اللذينة هادمة اللذات ومفرقة الجماعات سكتوا وبقوا محلك سر، أكيد، أكيد مستنيني هنا ولا هنا، تحت بير السلم ولا متداريين في حفرة في البلاط القديم المتخلع، وأول ماديهم ضهري بس هيرجعوا تاني يرمحوا كإنه بيت أبوهم…
وعشان كده متراجعتش بسهولة، مشيت بالمقشة للمساحة الفاضية اللي تحت السلم، وأدي النوم طار من عيني، الدنيا كانت عتمة، معملتش حساب المسألة دي، هشوفهم إزاي وهتصرف معاهم إزاي؟ قلت في بالي يالا مش مهم، أنا هحرك المقشة كده في المكان كله وهم أكيد هيخ.افوا وهيقولوا يا فكيك ويطلعوا يجروا من العمارة…
ولحد ما وصلت تحت السلم لسه مكنش في صوت، مش سامع حاجةـ، معقول يكونوا مشيوا في الوقت ما بين خروجي من الشقة ووصولي لتحت السلم؟
وإذا بيا بقف محلك سر بعد ما كنت بلوش بالمقشة، وده لإني شفت نقطتين حُمر في وسط العتمة وكإنهم…عيون!
وبدل القطط اللي كنت راسم في دماغي إنهم هم اللي هيجروا مهلوعين بره العمارة أنا اللي جريت! بالفانلة وبنطلون البيجامة الكحيان والمقشة في إيدي، اللي يشوفني هيقول ده مج.نون رسمي بشعري المنعكش ده كمان، سبت المقشة تقع على الأرض وحطيت إيديا الاتنين على ركبي وأنا بنهج جامد، بحاول اخد نفسي…
العيون الحمرة مكنتش قرب الأرض أو على الحيطان، ساعتها كنت هقول قطة، أهم ساعات عنيهم بتضي ضي في الضلمة، لأ العيون كانت على مستوى أعلى مني شوية كإنه بني آدم، لأ حاجة تانية، حاجة أطول مني بحبه واقفة بتبصلي!
كنت ع.اجز، مش عارف أروح لفين ولا الجأ لمين، مش ممكن كنت هفضل بالمنظر ده في الشارع، مكنش في غير إني أرجع البيت..
شلت المقشة من الأرض، أنا أعرف كنت في إيه ولا إيه، مقشة إيه دي اللي متمسك بيها، ولا كانت هتعملي إيه في مواجهة المجهول، وجريت زي الحصان لحد مدخل العمارة ومنه لباب الشقة، وفي طريقي وعلى آخر سلمة اتكعبلت وإيدي اتخرشمت، قمت بسرعة ودخلت الشقة وقفلت الباب اللي كان لسه مردود.
معرفش أنا نمت من الخ.وف ولا أغم عليا ولا إيه، المهم إني نمت بعمق، لكن قل.قت قرب الفجر، صحيت وقعدت على مكتبي اللي قريب من السرير ونورت الأباجورة اللي عليه، فتحت اللاب توب وبدأت أكتب:
“عيون حمراء تشع في ظلام الليل، لا ليست قطة أو حيوان وليس خيال صوره لي عقلي، أعلم ما قد يتبادر إلى ذهنكم، هدا الصحفي المنهك الذي يقضي نهاره وفي بعض الأحيان لياليه يبحث عن المعلومات والأخبار التي لا تهم أحد ثم يقوم بصياغتها ويجتهد في ذلك دون أن يبالي أحد ثم تُنشر في الجرائد الإلكترونية النادرة التي تقدم محتوي غني ومعرفي دون أن يقرأه أحد، قد نال منه الجهد الجسدي والعقلي فأمسى يتخيل أشياء لا وجود لها على أرض الواقع، فقط في ذهنه المنهك كما نفسه ولن يحكي ما تخيله حيث لن يأبه أحد”…
أنا مش مجرد صحفي، أنا برضه روائي، وفعلًا خيالي واسع ومفضفض عشان كده أنا شخصيًا بكدب ذاكرتي كل لما الوقت يفوت على أي حدث، مين عارف إيه اللي شوفته بالظبط الليلة دي، أهو الليلة عدت واللي شوفته أيًا كان راح لحاله، لكن انا اتعلمت درس حياتي، لو سمعت تخبيط أو نونوة أو خن.اقة قطط بليل مطلعش من بيتي، لو قبيلة قطط حتى، وعلى رأي المثل اللي خرج من داره اتقل مقداره…
وعدت الأيام ونسيت الحا.دثة دي تمامًا ورجعت ليومي الروتيني وشغلي الممل ، لحد ما في يوم رجعت من الجرنال والساعة كانت عدت 8 بليل، شفت الواد إياه، أصلي مش بحفظ اسامي ولا وشوش، بس أهو الوش ده مكنش غريب عليا، الواد ده ساكن معايا في نفس العمارة لا أعرف ابن مين ولا تبع أنهي دور، أنا في العادي مش بركز مع حد، كل اللي ببقى عايزه أطلع بيتي بسرعة وأقفل على نفسي الباب، لا بطيق أتعامل مع حد ولا حد يعشم إنه حتى يرمي عليا السلام، لكن المرة دي لاحظت حاجة، الواد كان لونه مخ.طوف، شكله مش مظبوط، في حاجة وراه، جيت على نفسي وقلتله:
=مالك يا….
-خالد..
=مالك يا “خالد” أنت قلقان من الامتحانات ولا إيه؟
-امتحانات إيه احنا في إجازة الصيف.
أنا اللي عايز ض.رب الجزمة عشان سألته واديته قيمة، سكتت ومعلقتش ودلدلت راسي وسبقته على السلم، وقفني لما قال:
-هو ي حاجة كده…
=حاجة إيه يا بني؟
-أنا محكتش لحد، عشان أصل الموضوع..
=ما تنطق يا واد، في إيه؟ عامل مصي.بة ولا إيه؟؟
-لااا لأ، مصي.بة إيه، دانا، النهارده صحيت بدري، بدري عن البيت كله…
=حلو الصحيان بدري له فوايد برضه..
-كانت الشمس لسه مطلعتش، معرفش قلقت وقلت أعمل كوباية شاي وأقعد في البلكونة، وبعدين روحت على هناك وشفت….
=يا حبيبي أنا معنديش اليوم بطوله، اخلص عايز أعمل حاجة أكلها واتخمد عشان عندي بكره شغل..
-شفت عيون على مسافة عالية، عيون حمرة!
=بتقول إيه؟
-شفت عيون حمرة، ولما ركزت لقيت إن العيون مقلوبة وفي جسم إسود ميبانش من سواد الليل إلا لو حد ركز، وبما إن كان في ضوء خفيف في السما فقدرت أشوفه، الجسم كان مدلدل من الدور اللي فوقينا ولا معرفش منين، عشان كده العيون كانوا مقلوبين، أ…أنا مقولتش لحد، خفت يتريقوا عليا، بس أنا متأكد، أنا مش بخرف ولا كنت نايم….
لساني اتلجم، مبقتش عارف أرد، أنا المفروض أطمن الولد، أقول له إن ده كان أكيد كاب.وس وإن مفيش عيون حمرا ولا خفاش، مقلوب ومدلدل من الدور اللي فو…
ثواني كده، ثواني! أيوه هو ده، أكيد كان خفاش، طبعًا، طبعًا خفاش… ملامحي ارتخت وابتسمت ابتسامة خفيفة ودي معجزة في حد ذاتها، متهيألي الواد اللي اسمه “خالد” ده الوحيد اللي شاف ابتسامتي ما بين سكان العمارة كلهم، وده مش عشان خاطر عيونه بروح خالته، ده عشان أنا ارتحت، لقيت تفسير منطقي للظاهرة العجيبة، مديت إيدي وطبطت على كتفه…
=متقلقش يا بني ده خفاش.
-خفاش، يا خبر، عندنا خفاش في العمارة؟
=يعني هو ده اللي مخوفك أوي، إنه يكون خفاش؟
-أيوه، طبعًا، أنا بتر.عب منهم..
طبطتي اتحولت لتخبيط ورزع على كتفه… نبرتي اتغيرت تمامًا وخلقي بقى ضيق…
=طب يالا يا حبيبي من هنا، يالا على أمك فوق، يالااا…
ده إيه الاشكال اللي تسد النفس دي، قال أنا جي اطمنه اته.لع وعمل لي فيها شه.يد الوطاويط، بس صحيح هو الخفاش ده هيفضل مشرفنا في العمارة لحد امتى؟ جاي يتضايف عندنا ده راخر ولا إيه، مش كفاية البني آدمين اللي الواحد مش طايقهم ولا طايق دوشتهم…
……………………..
واضح إن العمارة دي هي اللي هتجيب أجلي، الواحد لسه بيفوق ولسه القهوة متحطش على النار عشان أبدأ يومي وأروح الجرنال اللي ملوش تلاتة لازمة عشان أكتب الأخبار اللي مش بتوصل للناس، وإذا بيا أسمع زع.يق مسمع في العمارة كلها…
جريت على الباب فتحته، مكلفتش خاطري حتى إني أغسل وشي، يستاهلوا يشوفوني بالمنظر ده، اللي معندهمش ريحة الد.م، الصوت كان جاي من فوق، رفعت راسي ولمحت ست ماسكة في راجل من جاكتة بدلته وعماله تقول:
-أنت راجل أنت، إزاي تسيبني؟ هتحامى في مين؟ يا ميلة بختك يا “كوثر”..
مالت عليكي حيطة! إيه يا ولية المهرجان اللي إنتي عاملاه على الصبح ده…
دخلت في الخط وبدأت أزعق..
=جرى يا مدام إنتي والأستاذ، ادخلوا ناقشوا خصوصياتكوا وحلوا مشا.كلكم في بيتكم…
الراجل بص لي وقال:
-دي اتهب.شت في نفوخها، قال إيه ظهرلها عف.ريت في البيت وعايزاني أقعد أحرسها…
=لا حول ولا قوة إلا بالله، عف.ريت إيه بس يا ست، ما عفريت إلا بني آدم، تلاقيكي بس اتخبطتي في جوزك وإنتي لسه صاحية ومش في وعيك ولا في انعكاسك في المراية…
-جرى إيه يا راجل يا ناقص، عايز تقول إني أشبه العف.اريت؟؟
=ادخلي إنتي وجوزك بيتكم وكملوا خنا.قكم جوه، يأما تسيبي الراجل يمشي لحال سبيله، مش ناقصاكوا هي..
بعد ما كان حسها عالي وحا.د وطريقتها عن.يفة بان عليها الانك.سار وقلة الحيلة، بصتلي وقالت باستعطاف:
-يا أستاذ “محسن”، أنا مش بهل.وس، أنا شفته واضح قدامي…
ما شاء الله دي كمان عارفة إسمي…طبعًا مسألتهاش شافت إيه، مش في برنامج فوازير إحنا…
-شفت جسم ضخم لونه إسود، له جناحات طالعة من ضهره ورجليه قصيرين بالنسبة لإيديه وباقي جسمه، وعيونه كانت حمرة!
إيه ده، إيه ده، الوصف ده مش غريب عليا، عيون حمرة، للمرة التالتة حد يشوفها، أنا كنت خلاص اتصالحت مع نفسي واقتنعت إنه خفاش، جسم ضخم إيه بقى؟؟
=يا أستاذة ده خفاش، هي الخفافيش كده فعلًا عندهم جناحات ورجليهم…
-خفاش إيه وبتاع إيه؟ بقولك جسم واقف على رجلين، كإنه بني آدم بس على أضخم بكتير، في خفاش يبقى فوق المترين؟ وبعدين ده كان عنده مناخير وبوق، صحيح شكله مختلف عننا لكن مش خفاش، مش حيوان…
حلو أوي كده، أدينا دخلنا في عصر الر.عب، كنت ناقص أنا…
-شفت يا أستاذ “محسن”، شايف تخاريف الولية دي، عجبك بقى العطلة اللي أنا فيها؟
يا عم اول.ع انت ومراتك، وبعدين بالع شريط أسئلة ده ولا إيه، شايف إيه وعجبك إيه… قلبت أنا مصلحة اجتماعية؟
مردتش عليه، سهمت، مشيت دون وعي لجوه شقتي وقفلت الباب
دي بتقول واحد واقف برجلين، واحد ضخم، لكن بوصفها أكيد مش إنسان، وعنده عيون حمرة، هو نفسه اللي شفته في بير السلم واللي شافه الواد اللي مش عارف إسمه إيه، اه “خالد”، صحيح أنا طول عمري بحب أقرا قصص عن الظواهر الخارقة للطبيعة والمخلوقات الغامضة اللي عايشة معانا على نفس الأرض بس مش كلنا بنشوفها، وبحب الخيال العلمي كمان، لكن عمري ما صدقت بجد إن الكلام ده موجود، بس واضح كده إني لازم أواجه نفسي بالحقايق، أنا..شفت..كيان ما ور.ائي!
سرحت في المراية قدامي، مكنتش باصص في انعكاسي، دماغي مش فيا أصلًا، عامل زي حتة تمثال بلا حياة، إيه اللي بيحصل في العمارة؟ ليه واحد ورا التاني بيشوف نفس الكيان؟ العمارة كلها مسكونة؟ ومن إمتى؟ فجأة كده؟
روحت الشغل وأنا مبوز أكتر مما أنا مبوز في العادي، أنا مش بس مكنتش طايق نفسي، أنا كمان حيران، هتج.نن…
فضلت على نفس الحال لحد ما رجعت…عملت حاجة مكنتش أتوقع في يوم إني أعملها، طلعت على واحد من جيراني وخبطت على بابه…
الراجل فتح الباب وفضل مبحلق فيا حبة، اللي هو عايز إيه، أصلها ظاهرة، أنا عمري ما عديت عليه ولا على أي حد في العمارة، ده حتى في رمضان لما كل واحد من الجيران كان يعمل أكل أو حلويات كانوا بيخبطوا على بعض ويتهادوا بأطباق الأكل وأنا لما حد يخبط عليا مردش! كان منهم اللي يفضل ينده بعد ما يخبط عشان بيسمعوا حركتي جوه الشقة وبرضه مردش، أعمل عبيط، مكنتش عايز أتعامل مع حد، لا عايز حد يهاديني ولا أرد جمايل وأطباق لحد، إحنا هنتصاحب وهنعمل إجتماعيات؟! وطبعًا كنت بزوغ من الموائد اللي كلهم بيتجمعوا فيها…
-خير يا أستاذ “محسن”؟
=هو أنت مش هتقول لي اتفضل..
-لا طبعًا إزاي، اتفضل طبعًا…
شاورلي عشان أدخل…
سبب زيارتي للراجل ده أكيد مش عشان عيونه ولا كانت زيارة ود وجيرة، ده عشان هو رئيس مجلس إدارة العمارة…
-أيوه يا أستاذ “محسن”، تحت أمرك…
=أنا عايز حضرتك تكلم كل أعضاء مجلس العمارة، عايز أناقش معاكم موضوع…
الراجل فتح بوقه لحد ما فكه كان هيتخلع ويقع من وشه، قال بعد ما وشه جاب ألوان:
-خير، قول لي، حصل حاجة…
=لأ، خير، خير، انا بس مش عايز أكرر كلامي لكل واحد فيكم، ممكن تكلمهم دلوقتي ييجوا…
حرك راسه وهو مش مقتنع وقام وجاب موبايله وكلمهم كلهم…
الخمسة جم، كلهم قعدوا في صمت، كل الأنظار كانت متركزة عليا، مستنيني أقول اللي عندي…
=إحنا عايزين من هنا ورايح نفرض قواعد على سكان العمارة، كل يوم الصبح الكل يولع بخور، واللي يخرج من شقته رايح شغل ولا مصلحة يمسك عود بخور في إيده بحيث يبخر السلالم والطرق ما بين الشقق ومدخل العمارة، ومفيش موسيقى واغاني تشتغل، وياريت نشغل قرآن في كل شقة، وياريت كمان لما حد فينا يستحمى ينجز في الحموم ويستحمى بهدومه أو يأجل مسألة الحموم دي على قد ما نقدر، ونغطي مراياتنا…
حواجبهم يأما كانت معقودة، يا مرفوعة لحد قشرة الراس، فضلوا ساكتين كده شوية لحد ما واحد قال لي:
-في إيه يا أستاذ “محسن”، مالك؟
=مليش، هو ده اللي جمعتكم عشانه..
-جمعتنا عشان نولع بخور ونبطل أغاني ونبطل نستحمى؟؟
=يعني أهو شكل من أشكال الوقاية..
-الوقاية من إيه بالظبط؟
=عشان سلامة السكان…
-سلامتها أم حسن، جرى إيه يا “سعد” هو ده اللي مطلعنا عشانه؟
الراجل بص ل”سعد”، رئيس مجلس الإدارة بغضب وهو بيقول له الجملة الأخيرة و”سعد” كان باين عليه محرج جدًا، وأنا اللي جه في بالي “يا أرض انشقي وابلعيني”، ما هو أنا لو شرحت الهدف من تعليماتي العجيبة مش بعيد يولعوا البخور في قفايا، محدش هيصدقني وهتهزأ…
قمت وأنا مدلدل راسي وقلت بصوت بالعافية ممكن يتسمع:
=أ..أنا آسف…
ومشيت مكسور… ما يمكن…يمكن أنا مأفورها، يمكن الظاهرة تخلص لحد كده، محدش غيرنا احنا التلاتة هيشوف المخلوق تاني، مش هيظهر ولا هيأ.ذينا…
أقنعت نفسي إن الدنيا هتعدي ومفيش حاجة هتحصل، مش هشوف الكيان ولا هتعرض لخ.طر، عملت الروتين بتاعي قبل النوم، وقفلت النور ومددت على السرير وقفلت عيني…وبعد بثواني…فتحتهم…
وده لإني سمعت دوشة في المطبخ، صوت زي تخبيط غطيان حلل في بعض، نزلت برجلي على الأرض وهي بتخبط في بعض زي الغطيان بالظبط، مشيت لحد المطبخ، ولسه همد إيدي وأفتح النور سمعت رفرفة جامدة، جناحات!
وشفت…شفت عيون حمرة منورة، مديت إيدي بسرعة وفتحت النور، وياريتني ما فتحت…
كنت متخيل النور هيخلي الكيان يختفي أو يخليني متطمن أكتر، كل اللي حصل إن النور بينه، الكيان بقى واضح قدامي، جسم إسود ضخم، إيدين طويلة، رجل قصيرة بالنسبة لإيده وجذعه، جناحات طالعة من ضهره، وعيون حمرة!
=أااعوذ…
“الأرض هتتهز، الأرض هتتهز، السقف هيقع، دمار، دمار، دمار”
سمعت الصوت ده في راسي، الكيان مكنش بيحرك بوقه، لكنه أتكلم! أيوه هو اللي قال الكلام ده، الصوت اللي في راسي كان واضح ونبرته مميزة، وصل لي الكلام ده بطريقة ما! وبعدين شفت رجليه بتتشال من عالأرض بيعلى كإنه مستعد يطير، وأنا محستش بنفسي، جريت بأقصى سرعة لأوضتي وقفلت عليا الباب وفضلت ساند بضهري عليه، قال يعني كده محدش يقدر يفتحه، لو الكيان نوى يهد الباب على نفوخي مش هيقدر!
وعدى الليل عليا وأنا بنفس الوضع، وشوية شوية ركبي سابت وبقيت أنزل على الأرض لحد ما قعدت عليها، فردت رجليا وعيني مفنجلة على آخرهم…
مكنتش عايز أخرج من الأوضة، عايز أفضل أقعد زرع بصل كده طول اليوم، طول اليوم إيه، طول العمر!
لكن، بالعكس، الشقة هي مصدر الخ.وف، العمارة كلها، لازم، ضروري كنت أروح الشغل وأطول هناك على قد ما اقدر، لبست أي حاجة قدامي، أي قميص على أي بنطلون، مكوتهومش، أصلًا الناس في الجرنال ميستحقوش في العادي الواحد يبقى مهندم عشانهم، غسلت وشي وسناني عالسريع، بصيت في المراية ومررت صوابعي على الشعرايتين اللي على راسي واتكلت على الله…
– أستاذ “محسن”، “محسن”!
رفعت راسي وشفت واحد منهم ، من أعضاء مجلس الإدارة، باين كان إسمه “فضل”، وكنت معلمه بالكلب المز.عج اللي عنده اللي عايز رصا.صتين في راسه عشان نستريح من دوشته…
نزل من قدام شقته في الدور التاني عليا…
قال لي:
-أنت…الكلام اللي قلته امبارح…
=خلاص يا أستاذ ما اتهزأت كفاية..
-لا، لأ، أنا مش بعاتبك.
بقى عندي فضول أعرف اللي عنده…
-هو، أنت ليه طلبت مننا الطلبات الغريبة دي، بخور، قرآن، مندخلش نستحمى…في إيه بالظبط؟
=الله يخليك يا…
-“فضل” عايش معاك في العمارة بقالي 12 سنة..
=ماشي، ما علينا، يا “فضل” مش ناقص مألسة، أنا فيا اللي مكفيني.
-أنت فهمتني غلط، أنا بسأل بجد، ليه الطلبات اللي قلت عليها؟
اتهربت من عنيه، وعملت كإني مستعجل، قلت وأنا نازل:
=أهو يعني تحصين من أي ش.ر…
…………………………..
قعدت على مكتبي سرحان، الكمبيوتر قدامي والصفحة اللي المفروض أكتب فيها مفتوحة وأنا مش لاقي كلمة اكتبها، مش قادر أشتغل…
لقيتني بمسك القلم الجاف الإسود وبحطه على الكراسة اللي على المكتب…
الموضوع كان صعب، صعب بجد، كإني خبطت في صبارة كبيرة، الله يكون في عون العيال اللي بترسم كل اللي بتشوفه من كواب.يس أو اللي حاسه بيه، أنا زيهم أهو كنت برسم في الوح.ش اللي شفته مرتين….
حاولت أكون دقيق على قد ما أقدر، مفوتش تفصيلة، وقرب ما كنت هخلص رسم عيني زاغت، افتكرت حاجة…
الراجل اللي اسمه “فضل” إمبارح…هو الوحيد اللي معلقش لما رزعتهم لستة الطلبات العجيبة بتاعتي، أيوه معلقش…
رجعت بالذاكرة لورا، رجعت تاني للكرسي اللي كنت قاعد عليه…
“في إيه يا أستاذ “محسن”، مالك؟…..” جمعتنا عشان نولع بخور ونبطل أغاني ونبطل نستحمى؟؟”…” الوقاية من إيه بالظبط؟”…” سلامتها أم حسن”….
أما “فضل” فكان مبلم، عينه ثابتة قدامه مش بيبص لأي حد، إيده عرقانة ورجليه بتتحرك عصب.ية
…يكونش…يكونش شافه هو كمان؟ عشان كده وقفني وسألني عن الكلام اللي قلته، عايز يتأكد إنه مش وحيد، إنه مش مج.نون…
رجعت تاني للحظة اللي كنت فيها، بصيت على الورقة لقيتني خلصت رسم، ده طبيعي، سرحت وأنا بفكر وكنت مكمل رسم، اللي مش طبيعي هو الكلام اللي كتبته تحت الرسمة “د.مار…د.مار…سقف بيتهد…من الطوب تراب”
مش بس إني مش فاكر إني كتبت الكلمات دي، الخط مكنش خطي!
أنا بضحك على نفسي، الظواهر مكنتش هتنتهي لحد كده ولا الكيان اللي أكيد ج.ن هيبطل يظهر، ده اللي أدركته في المرحلة دي، السؤال بقى هنتعامل مع الكلام ده إزاي؟
…………………………….
-شوف الولية الناقصة، بقى تاخد مني حزمة فلوس وتهج!
سمعت الست اللي ساكنة معايا في العمارة بتبرطم بالكلمتين دول، لا أنا فاكر ساكنة في أنهي دور ولا تبع مين ولا اترمت عليا من أنهي داه.ية…
ده كان اليوم التاني للحدث بتاع الورقة والرسم، صحيت بدري في يوم أجازتي عشان واحد ما عرف جنسه إيه خبط عليا وقال إيه بيعرفني على نفسه إنه البواب الجديد، تشرفنا! ومن إمتى العمارة دي كان ليها بواب، ما هي كانت ماشية والأمور هادية وتمام..
بعد ما البواب مشي سمعت برطمة الست المصونة جارتي…وكإنها ما صدقت لمحتني، مشيت لحد عندي وقالت:
-بقى أديها 200 جنيه بحالهم عشان تجيبلي رز من العطار اللي بتقول إنها بتروحله، تسافر بلدها بالفلوس؟
=هي مين دي يا استاذة؟
-اللي إسمها “لميا”، إنت عارف الرز مش موجود في كل السوبر ماركتات فوانا بفضفضلها قالت لي إنها بتروح لعطار معين بيبيع رز سايب وأنا فرحت وكرمشت 200 جنيه واديتهوملها على أساس تجيبلي معاها، تروح تسافر على بلدها وأكلمها متردش؟!…
سبتها بتتكلم واديتها ضهري وقفلت الباب، ناقص أنا مشاكل الرز ولميا اللي راحت البلد وضر.بت على ال200 جنيه، ولسه بقول يا هادي، لسه متهنتش بثانية هدوء لقيت الباب بيخبط…
فتحت حتة صغيرة ولقيت “سعد”، منطقتش، مستنيه يقول اللي عنده…
-ااا…ش..شفت البواب الجديد؟ جالك؟
=اه، زي ما أكيد عدى على كل الشقق، فاكرها حصة هي بيعرف نفسه على أساس إنه التلميذ الجديد…
ولسه هقفل الباب على اعتبار الكلام خلص لقيته زقه بإيده، فتحه…
-عايز، عايز أتكلم معاك كلمتين..
دخل وقعد على الكنبة…
قلتله من غير نفس:
=مش عايز تشرب حاجة؟
-لأ، أنا تمام…اا، لما جيت عندي اليوم إياه..
=اه، خلاص بقى يا أستاذ “سعد”، ننسى اليوم ده ونرميه ورانا..
-امبارح…رجعت متأخر من الشغل، 9 ونص تقريبًا، الدنيا كانت ضلمة، لمض الجراج بتاع العمارة ضعيفة أوي، الواحد مش بيعرف يشوف من مسافة، عشان كده شغلت نور العربية وأنا نازل بيها الجراج، كنت لوحدي، محدش كان في الجراج غيري، أول ما ركنت العربية وقفلت نورها لمحت حاجة، أنا قلت أكيد الرؤية مشوشة بسبب النور الأصفر الضعيف بتاع اللمض ففتحت تاني نور العربية القوي بعد ما كنت قفلته، كل اللي حصل إن اللي شفته بقى أوضح…
أخد نفس عميق وبص للأرض وبعدين كمل:
-كان…حاجة كده طويلة، جسم إسود ليه وش، ملامح مش باينة أوي لكن الواضحة كانت عنيه… لونها أحمر، اللون مش مجرد صبغة، كإنها بتنور وورا ضهره، في جناحات…
=أنا هقوم أجيب مايه..
-مش عايز…
=مش ليك، ليا أنا…
كنت ماشي زي الز.ومبي وأنا ماسك كوباية المايه وراجع من المطبخ على “سعد”…
-أنت لما قلت عايزين نبخر ونستحمى بهدومنا وباقي الكلام ده، ده عشان…
=أيوه، أنا برضه شفته، مرتين، مش مرة واحدة، وأظن إنه حضر مرة تالتة من غير ما أشوفه، في شغلي امبارح…
-وإزاي نصرفه؟
=عندي إحساس، إحساس تقيل أوي، إن في مصيب.ة هتحصل، الج.ني ده هيأ.ذينا…
-هنعمل إيه؟
=مش إحنا بس اللي شوفناه!
-في غيرنا؟ عايز تقول إن في غيرنا شافوه؟
=أيوه، في الست اللي إسمها “كوثر” في الدور التاني، والواد “خالد” اللي عنده يجي 16 سنة..
-أيوه عارفه “خالد” ساكن في الدور الرابع جنبي…
=وفي كمان “فضل”…
-“فضل”؟ غريبة، مقاليش…
=يقولك إيه، ما هي حاجة مش منطقية، أكيد فكر إنك مش ممكن تصدقه، هو حاول يتكلم معايا أنا، لكن كنت مستعجل ومخلتوش يكمل…
-هنعمل إيه؟
=لازم نتكلم معاهم، يمكن حد فيهم يكون معاه السر، سبب حضور الج.ن ده، حتى لو هم نفسهم مش مدركين…
قام بتحمس وقال:
-نبدأ ب”فضل”…
هزيت راسي وأنا ساكت…
-يالا؟
=يالا إيه؟ دلوقتي؟ الساعة لسه مجاتش 9 الصبح والنهارده الجمعه إجازة، أنا ملحقتش أريح…
مع نظراته المبرقة المتثبتة عليا استسلمت وقمت معاه…
“يتبع”
“الجزء الثاني والأخير”
طلعنا على الدور التاني وخب.طنا على شقة “فضل”…
كان خارج منكوش ومبهدل، وشه جاب ألوان لما شافنا، واضح كده إنه حس إن زيارتنا وراها حوار كبير…
“سعد” انطلق في الكلام من قبل حتى ما يقعد…
-أنا و”محسن” شفنا نفس الكائن، الج.ن، زي ما شوفته…
-ج.ني إيه؟ أنا مشفتش حاجة..
سألته بذهول:
=الله، أنت مش سألتني على الطلبات اللي قلتها وكان باين عليك يعني مت.وتر كإنك شفت حاجة…
-اه، صحيح، أنا فعلًا حسيت إن طلباتك وراها حوار، قلقت طبعًا، لكن أنا مشوفتش حاجة، بس…أنتوا بتقولوا ج.ن، أنتوا الاتنين شفتوه؟
حركنا راسنا احنا الاتنين، أنا عارف إن ده مكنش وقته بس قلت ملاحظة:
=الدنيا هادية عندك يا “فضل”…
الاتنين بصولي، اللي هو عايز إيه يعني..
=كلبك الإسود الكبير ده مكنش بيبطل صياح عالفاضي والمليان، ده غاوي يناقر الناس أكتر من مدام “كوثر” اللي ساكنة قدامك…
“سعد” قال:
-خلينا في اللي احنا فيه…دلوقتي “فضل” طلع فشنك، يالا بقى نعدي على الاتنين التانيين، نبدأ ب”كوثر” أهي على بعد خطوتين بس…
روحنا احنا التلاتة على شقتها، فتحلنا جوزها وعزم علينا ندخل…
سألناها إذا كانت شافت الج.ن غير المرة إياها، نفت ده، بدأنا بعدها نحقق معاها على تصرفاتها الفترة اللي فاتت وإذا كانت عملت حاجة مش معتادة أو لقت مثلًا في الشقة حاجة غريبة…
هي طبعًا سألت حاجة معتادة زي إيه وانا اقترحت شوية حاجات من الكتب اللي كنت بقراها وحافظها زي إذا كانت رمت مية مو.لعة في حوض من الاحواض أو البانيو في ساعة متأخرة أو سرحت في المراية لوقت طويل ولاحظت إن في حاجة مش طبيعية أو نفضت سرير أو كنبة وقت المغرب والشمس بتغيب وحست بعدها بأل.م في مكان ما في جسمها او خ.نقة وشوية اقتراحات تانية كده…
هي نفت كل ده وزودت إنها ملقتش كمان أي حاجة غريبة، لا حجاب ولا شمع أحمر ولا غيره في شقتها…
وبكده يبقى السبب مش من عند “كوثر”، الدور كان على “خالد”….
أبوه اللي فتح، لكن أول ما سألنا على “خالد” لقينا الأم جت ووقفت وراه، الاتنين كانوا بيبصولنا بنظرات غير مفهومة، كان باين عليهم الحيرة والغُلب، الأم سألت:
-إشمعنى “خالد”، عايزينه في إيه؟
رديت:
=كنا بس عايزين نتطمن عليه، أصل انا شفته من حوالي أسبوع وكان باين عليه تعبان أو في حاجة مضايقاه…
طبعًا الكلام ده مخلش عليهم، وده كان باين جدًا من وشوشهم، بقى أنا ههتم بالواد وزعل الواد، أنا ههتم بأي حد فيهم؟ ده انا كانت اقصى طموحي يغوروا كلهم ويسيبوا العمارة مهجورة وأنا بس اللي أعيش لوحدي…
ومع ذلك، الباب اتفتح على أخره وسمحولنا ندخل….
في حاجة غلط، ده اللي حسيته لما قعدنا، البيت أجوائه كئ.يبة أوي، في طاقة سل.بية رهيبة….
الأم انف.جرت في الع.ياط، “مسعود” حاول يهديها وقال لها تدخل وتبعت “خالد”…
-“خالد” مش كويس يا جماعة!….من كام يوم اتف.زعنا، قمنا من النوم قرب الفجر على صر.يخه، دخلنا أوضته لقيناه بيرفص في رجله وهو ممدد على السرير، رافع الجزء الفوقاني من جسمه وباصص في اتجاه ومكمل وصلة الصر.يخ كإن اللي شايفه لسه قدامه ومكنش حاسس بوجودنا…
ومن وقتها وهو أحواله غريبة أوي، شوية يتخشب كإنه حتة جماد، مش بيطرف حتى، ويفضل على كده وقت كبير وشوية يقول كلام عجيب يفضل يكرر فيه…
قطع كلامه “خالد” اللي دخل علينا مسهم وراسه في الأرض…
سألته علطول:
=”خالد” أنت شفته تاني؟
“مسعود” كان مذهول واللي خضه أكتر رد فعل “خالد”…
رفع راسه كإنه كان في غيب.وبة وفاق…
-قلقت على نور، نور دخل لعنيا وهم مقفولين، لما صحيت لقيته واقف قدام السرير، الكيان الإسود، بس المرة دي مكنش مقلوب، كان طاير، فوق الأرض بشوية صغيرين، قدرت أشوفه كويس مش زي المرة اللي فاتت، جسمه إسود، في عضلات، رجليه قصيرين شوية، عنده جناحات مرفرف بيهم وعنيه حمرة وبتطلع نور، بصلي بتركيز وبعدين قال:
” الأرض هتتهز، الأرض هتتهز…
قاطعته وقلت:
= السقف هيقع، د.مار، د.مار، د.مار…
-حضرتك عرفت إزاي؟؟
بصيت للأربعة اللي كلهم كان في عنيهم نفس سؤال “خالد” وجاوبت…
=عشان قال لي أنا كمان نفس الكلام، هو متكلمش معاك بشكل واضح، مفتحش بوقه، مش كده؟ صوته بكلامه كان بيتردد في راسك…
هز راسه بيأكد ده…
سألناه بعد كده شوية أسئلة شبه اللي سألناها لكوثر، كنا عايزين نتأكد إذا كان “خالد” هو السبب في حضور الج.ن للعمارة ولا لأ، وبرضه إجاباته كانت بتقول إنه ملوش علاقة…
لما خرجنا من شقة “مسعود” فضلنا نتكلم في اللي حصل جوه واللي بيحصل بشكل عام، إحنا التلاتة كنا متقفين على حاجة واحدة، إحساسنا، إن في مصي.بة مستنيا حد فينا، الج.ن ماشي يهدد لكن مش معروف هو يقصد مين بالتهديد…
وفي خلال اندماجنا في الكلام حد تاني اتدخل، ست في الخمسينات، ساكنة معانا في العمارة، عدت علينا وسمعتنا وهي طالعة، أهي دي بقى بالعها وعلى قلبي زي العسل، وحافظ شكلها كمان، عشان في حالها وعمرها ما حاولت تتكلم معايا ولا تعمل مجاملة ولا تديني طبق محشي ولا بتنجان…
الست استأذنت إننا نطلع معاها شقتها في الدور السادس وكان باين عليها إن عندها كلام تقوله…
صوابعها كانت بتترعش…
-إزي المدام يا أستاذ “سعد” والمدام بتاعتك يا أستاذ “فضل”، يعني إحنا كنا بنتكلم عن نقص شوية سلع بس ما شاء الله عليها هي بقى عارفة السكك وبتجيب الناقص من العطارين والسوبر ماركتس اللي مش معروفة، هين فين أمال، مش شايفاها من مدة؟
-غزال شارد، سافرت مع صاحباتها أسبانيا، مانتي عارفاها صاحبة مزاج..
اتحركت لقدام بجسمي بحيث إني ابقى زي سد ما بينهم وقلت:
=ندخل في الموضوع علطول!
-أنا سمعتكوا وأنتوا بتتكلموا عن ج.ن وأذ.ى وحاجات كده…الليلة اللي قبل اللي فاتت حلمت، الحلم كان بش.ع وكان…إحساسي بيه إنه بجد، مش مجرد حلم، شفت وشوش ناس متربة اوي، التراب مغطي عيونهم ورموشهم وشعرهم لدرجة ملامحهم مش باينة، كنت قادرة أحس بالتراب في إيدي وأشمه، وبعدها فتحت عنيا…لقيت قصادي راجل، لأ مش راجل، كائن كبير، صدره مليان عضلات وعنيه حمرة….
رجعت بضهري لورا تاني، في المرحلة دي أنا بجد بقيت خايف، اللي حضر العف.ريت لازم يصرفه! مش متخيل إيه اللي كان ممكن يحصل بعد كده…
“زينب” كملت:
-الر.عب مش بس في الجزن اللي شفته، إنما إحساسي إنه مرتبط بالحلم، كإنه هو اللي…اللي ورهولي…
وطبعًا ادينالها لستة الأسئلة ولاقينا نفس الإجابات، مفيش أي حاجة خارجة عن المعتاد حصلتلها الفترة الأخيرة غير طبعًا الج.ن اللي شافته…
……………………….
فتحت باب شقتي وكنت مستعد أدخل، كنت في حالة إحب.اط رهيبة واللي كمل عليا اللي ما يتسمى البواب الجديد…
لقيته جي عليا كإنه هيثبتني مثلًا وقال بصوته اللي شبه الغراب المزعج…
-يا دقتوررر…
=دكتور مين أنا مش دكتور…
-ماشي يا أستاذ، أنا قلت شكلك دقتور…
=عايز إيه؟
-في، يعني كده شوية مصاريف مطلوبة من كل شقة لزوم صيانة العمارة..
=صيانة إيه وزف.ت إيه؟ لا كنا نسمع عن صيانة ولا عمارة ولا بواب قبل كده، وبعدين دي عمارة مهكعة أحسنلها تتساوى بالتراب وتتبني عمارة من أول وجديد…
-لا يا أستاذ داحنا هنخليها عروسة، هندهنها، ونظبط السلالم اللي فيها نقر، ونسد النقرة الكبيرة في الجراج…
=ناقص تقول هتركبوا أسانسير..
فتح بوقه على الآخر وضحك ضحكة س.مجة وقال:
-بعيدة دي.. قول يا رب…
=يا رب، يا رب أنا مش ناقص، امشي من هنا، مش هدفع زف.ت، خلي النقر تتكاثر…
الج.ني اللعين اللي خلاني أضطر أتعامل مع الناس ويبقى في اجتماعيات! ومعاه كمان بواب، ج.ن وبواب في نفس الوقت!
…………………..
أنا عارف إني مكنتش هتهنى بالأجازة كلها! اتفاجأت ب”فضل” بيخبط عليا تاني يوم، وبرضه الصبح بدري، أنا أعرف إيه مزاجهم في تكدير الناس؟ ليه ميبقاش الظهر، ليييه؟
لا وكمان بيرسملي ابتسامة، يا أهلًا ياخويا…
-أنا جبت اللي هيحل لنا اللغز وكمان هيصرف العف.ريت!
وشي اتفرد وحواجبي المعقودة اتفكت عن بعض، خليته يدخل وبعديه بدقايق “سعد” جه، موبايل “فضل” رن وسمعناه بيقول:
-أيوه، أيوه إحنا العمارة دي، اللي جنب الكشك بالظبط، اتفضل يا شيخنا.
الباب خبط، و”فضل” اتنتر من مكانه بتحمس وهو اللي فتح..
دخل علينا راجل لابس جلابية وعمة، أول ما شفته اتقبضت، يمكن ليه هيبة، هو ده السبب؟
عنيه كان فيها ذكاء حاد، مسحت كل المكان في لحظات ومسحتني أنا كمان و”سعد” كإنه بيسجل كل حاجة بيشوفها…
قال علطول من غير سلام:
-فين أوضة التحضير؟
تحضير؟ تحضير إيه؟ إحنا متفقناش على كده!
اتنفضت، قمتله كده وكنت ناوي أديله كلمتين لولا إن “فضل” شد إيدي لتحت ووشوشني:
-مفيش غير شقتك اللي ينفع نعمل فيها كده، أنت عايش لوحدك، وإحنا التلاتة مع بعض في الموضوع، عايزين نعرف اللي ما يتسمى جه منين وبسبب مين، أبوس إيدك..
أنا فعلًا كنت محتاج أعرف، مكنتش هقدر أكمل حياتي غير لما الموضوع ده يتحل، والج.ن ينصرف…
دخلنا أوضة المكتبة، قفلنا الستاير زي ما أمرنا….فرش على الطرابيزة شمع كتير وولعه، بدأ يقول كلام غريب مش مفهوم…
راسه دلدلت بعدها مرة واحدة وكإنه فقد الوعي، اتوغوشت، شديت في كم ده وقربت من التاني، هو الراجل حصل له حاجة ولا إيه؟
راسه اترفعت فجأة وقال:
-إسود، ضخم، عيون حمرة، قر.ون صغيرة، ج.ناحات…
=أيوه، صح، صح، أيوه…
قلت كده بتحمس بس الشيخ سكتني:
-ششششششش، في واحد…هنا، هو السبب، هو اللي جابه، حد عمل عملة مش تمام.
“فضل” رد:
-أيوه إحنا استنتجنا كده، في حد في العمارة هو السبب، هو اللي جاب المصي.بة دي..
-لأ، هنا، هنا في الأوضة…
وقتها….ظهر…
الج.ن ظهر، طافي على الشموع…
خرجت مني صرخة غصب عني، جريت على باب الأوضة وحاولت أفتحه معرفتش، الباب كان مقفول بترباس خفي، مكنش مسموح ليا إني أخرج…
سمعت صوت غليظ، مكنتش راضي اتلفت، بس واحدة واحدة بدأت اتحرك والف…
-جم.جمة، حرمة م.يت اتدن.ست، قب.ر م.يت اتكدر سلامه…
شفته بيتلفت فجأة ل”سعد” وبيقول:
-أنت!
-أااا…أنا، لأ، مش أنا….
-بيتك، ابنك، ابنك جاب الجم.جمة وأنت كنت عارف، عشان مصلحته، عشان يفلح…
هز راسه بيأكد، وشه كله عرقان وقال:
-إبني، إبني بيدرس في كلية طب و…فعلًا جاب جم.جمة، بس أنا كنت فاكر إن ده عادي، الطلاب بيعملوا كده…
الج.ن اختفى والراجل اللي استدعاه قال:
-عادي؟ عادي نتعدى على حرمة الأم.وات وناخد منهم أجزاء من جت.تهم، تخيل كده واحد يفتح عليك مدف.نك وياخد راسك ولا عضمك، هيبقى برضه عادي؟؟
وش الراجل كان مرع.ب أكتر من الج.ن نفسه، ونبرة صوته، كله على بعضه، مقبض، مقبض جدًا!
كمل وقال:
-ده ج.ن من اللي كانوا ساكنين في المقا.بر بتاع الميت اللي أخدتوا جم.جمته، جه ينتقم منكم عشان أقتحمتوا بيته وضايقتوه زي ما دن.ستوا حرمة الم.يت…
قلت بتبرة مهزوزة:
=طب…حضرتك تقدر تصرفه؟
-اعتبر الموضوع تم، مفيش حاجة صعبة عليا، المهم تبطلوا الحركات دي، أنتوا مش قد الأذ.ى….
طبعًا أنا و”فضل” هرينا “سعد” عتاب على أساس هو اللي جاب اللع.نة للعمارة كلها وابنه حضر الج.ن…لكن الحمد لله أدينا اتصرفنا…
………………………….
الشمس رجعت تاني تدخل العمارة، الطاقة السلبية مبقتش موجودة، مشوفتش الج.ن أبو ج.ناحات، وكل السكان وشوشهم اتفردت من تاني، حتى البواب اختفى، باينه كده مشي، رجعنا تاني لغتاتة السكان المعتادة ووجودهم المز.عج في حد ذاته والأنفاس اللي بتزاحمني في العمارة…
عدوا يومين على زيارة المنقذ، الليلة الأولى نمت نوم منمتوش من مدة كبيرة، غصت في حالة سلام عميقة، كإني رجعت طفل، أما الليلة التانية فبرضه نمت بنفس السلام، في أول كام ساعة بس…
قمت ومن غير وعي أو تحكم مني، لقيت نفسي بسيب الأوضة وبمشي لباب الشقة، بفتحه وبنزل على الجراج!
أنا إيه اللي جابني هنا؟؟ ليه أروح الجراج، بصيت في الأرض، كنت حافي، رجلي اتطينت، لكن مش مهم…في حاجة أهم…السبب اللي خلاني أنزل…
في مية ابتدت تزحف عليا، صرف من بلاعة ولا إيه؟؟
الميه بتكتر وبتجري في أرضية الجراج، بس مش فيه كله، مساحة كبيرة على شكل دايرة، الميه ارتفعت لدرجة إنها غطت القدم كله لحد العضمة الكبيرة اللي بتبقى على الجنب، وعلى النور الضعيف بتاع لمض الجراج مع إحساسي عرفت إنها مش مايه، ده…د.م…
لزج تقيل، تقل ماية النيل، الد.م خرج منين؟
هناك، في البقعة دي، مشيت تلقائيًا لحد مكان محدد، مديت إيديا الاتنين تحت بركة الد.م وشديت كليم وطلعته، الد.م رجع ينحسر على بعد خطوات من المكان اللي وقفت فيه، حفرة، حفرة كبيرة…
” لا يا أستاذ داحنا هنخليها عروسة، هندهنها ونسد النقرة الكبيرة في الجراج…”
النقرة كبيرة؟ النقرة الكبيرة…إيه سبب الحفرة، البواب اختفى فين؟
فضلت مدلدل راسي ببص في الحفرة العميقة بعدين رفعت راسي فجأة، كمية الأفكار اللي جت مرة واحدة كإني بتعرض لغزو، حاجات كتير سقطتها، مركزتش فيها، عشان كنت مركز في حاجة واحدة بس، الج.ن اللي بجناحات، حاجات تبان مش مترابطة، ملهاش علاقة ببعض، بس الحقيقة كله بيوصل لبعضه…
” بقى أديها 200 جنيه بحالهم عشان تجيبلي رز من العطار اللي بتقول إنها بتروحله، تسافر بلدها بالفلوس؟…. هي فين أمال، مش شايفاها من مدة؟…غزال شارد سافرت مع صاحباتها أسبانيا، مانتي عارفاها صاحبة مزاج”
منين “لميا” مرات “فضل” في البلد ومنين سافرت مع أصحابها في أسبانيا، ما هي لازم تكون نفسها اللي اتكلمت عليها الجارة بتاعت ال200 جنيه، عشان مسألة الرز والعطار اللي بتروحله، وكلبه، كلبه المزع.ج اللي كان منغ.ص عليا حياتي ومش بيبطل هوهوه راح فين؟.. والشيخ اللي جابه، هو اللي جابه…
“أنت…الكلام اللي قلته امبارح… هو، أنت ليه طلبت مننا الطلبات الغريبة دي…في إيه بالظبط؟”
ليه، ليه “فضل” كان مهتم أوي كده مع إنه مشافش الع.فريت زينا، الج.ن، هو الج.ن فعلًا انصرف؟ هو الج.ن كان جي يأذينا ولا ليه غرض تاني؟؟ هو فعلًا ظهر على ضوء الشموع وقال إن جم.جمة الم.يت اللي الواد بيذاكر عليها السبب، ولا ده كان وهم، سح.ر فاضي؟؟ عشان يصرف نظرنا عن السبب الحقيقي؟
القصة مش كده، القصة مش كده، السبب مش جم.جمة الواد بتاع طب، السبب هنا في الحفرة، المصدر هنا…
صوت أنفاسي كان عالي أوي كإني في أوضة مليانة بخور ومقفول عليا الباب، بعدها فقت على سحبة جسمي من السرير!
المفروض ده كان حلم وصحيت على حاجة خفية بتسحبني من رجلي وبتنزلني على الأرض جنب السرير، صحيت مف.زوع، مكنتش عارف أقاوم، بصيت ورا الإزاز، كانت عيون حمرة بتنور الضلمة، الج.ن الإسود!
تمام، فهمت، أنت عايز تفهمني حاجة، عايز توصل رسالة، هو ده اللي كنت عاوزه من الأول، حاولت معايا ومع كذه حد غيري، أنا مستعد وبدأت أجمع، وريني، وريني القصة كلها…
سمعت صوته في دماغي زي قبل كده، قال:
-غمض
غمضت….الليل اتبدل نهار، “فضل” كان داخل بعربيته الجراج ومعاه في العربية الكلب، ركن ونزل…أنا واقف قدامهم، كده هيشوفوني، “فضل” مشي في اتجاهي، جي عليا، بيقرب، بيقرب، اخترقني وكمل طريقه…مش شايفني ولا حاسس بوجودي، لا هو ولا الكلب بتاعه، الكلب وقف، فضل ينب.ح، مكنش عايز يتحرك، “فضل” قعد يحايله، يشده، وفي الآخر اتعصب عليه، ضر.به، شت.مه، عمل كل حاجة، في الآخر سابه وطلع….
فتح باب شقته، مراته سألته “فين الكلب”، قال لها اللي حصل، أنا واقف ما بينهم، مراته معلقتش، سابته وراحت لحالها وبعد دقايق رجعت تاني، قالت:
-هو واقف بيبص على اتجاه معين وهو بينب.ح؟
-اه، الأرض، بقعة معينة…
-الأرض دي فيها حاجة..
-حاجة إيه؟
-يا مادة مش تمام مدف.ونة، مواد مخ.درة مثلًا، يا ج.ثة، يا…
-إيه تاني؟
-هحكيلك على حاجة، في البلد عندنا في بني سويف كان في أسرة فقيرة أوي من أم وابنين، كل اللي حيلتهم بيت كبير قديم وارثينه عن جدود جدودهم، البيت كان في ساحة فاضية، فجأة الحمار بتاعهم في يوم وقف في بقعة معينة وفضل ينهق ومكنش عايز يتحرك، بالعافية قدروا عليه بعد ساعات، تاني يوم كرر نفس الحركة، وبقوا يضر.بوه وبالعافية برضه بعد مدة كبيرة اتحرك، ومرة الأم كانت لوحدها، لقيت الحمار بيعمل حركة، راحت لعنده لقيته حفر برجله كتير ولقت نقرة، لكن النقرة دي مكنتش نتاج يوم واحد، واضح إنه كرر ده بقاله فترة لحد ما النقرة بقت عميقة…
لمحت حاجة بتلمع، مدت إيديها وسحبت، لقيته طبق وعروستين…كل اللي جه في بالها إنه الحمد لله لقت طبق غويط تحط فيه أكل للحمام، وأهي عروستين لولاد أختها الصغيرين…ملت الطبق بأكل الحمام وأكلتهم ، وفرحت أوي بالإنجاز ده…فضلت محتفظة بالحاجة كام يوم لحد ما ابنها الكبير قالها إنه رايح عند أختها فجريت عليه واديته العروستين وقالتله يديهم للواد والبت الصغيرين..أخدهم معاه، بس وهو في السكة حس إن العرايس تقيلة أوي، عرايس إيه دي، بصلهم كويس، شكلهم والرسومات عليهم كانت غريبة، وبعدين هم ليه تقال كده؟ زي ما يكون جواهم حاجة…
وقف ونزل من عالحمار، ودشدشهم على حجرة، وجواهم كان في تماثيل من دهب! تماثيل فرعونية…
رجع جري على أمه، قال لها “لقيتي الحاجات دي فين”، ردت وقالت له “مطرح ما كان الحمار بيقف، هو اللي حفر، عمل نقرة كبيرة، مديت إيدي وطلعت العرايس والطبق” قال لها توريله الطبق، جابتهوله، كان لونه متغير بسبب كم الغبار اللي عليه، بس لما مسحهم كويس لقاه من دهب برضه…
الأسرة…كانت…عايشة….على كنز، مقب.رة فرعونية…وطاقة القدر اتفتحتلهم، وسعوا في الحفرة ونزلوا ولقوا مقب.رة مليانة كنوز، وحالهم اتبدل، لأجيال وأجيال ولحد دلوقتي نسلهم متنغنغ، معاهم فلوس زي الرز….
-قصدك؟….
-هو احتمال بعيد، بس تعالى نراقب الكلب اليومين الجايين، لو كرر نفس الحركة يبقى ممكن، وقتها هتواصل مع شيخ مبروك من عندنا في البلد، هو معروف إن مفيش حاجة بتقف قدامه، وإن شاء الله يساعدنا في الموضوع ده، أنا هنزل دلوقتي أطلع الكلب ونشوف اللي هيحصل بعد كده…
………………………….
اللقطة اللي بعدها كنت قاعد جنبهم، جنب “فضل” و”لميا” و…الراجل، هو نفسه اللي جه وقال طلا.سم ووهمنا إن الج.ن ظهر وقال إن اللي بيحصل للعمارة سببه إبن سعد…
الراجل قال بنفس نبرته المر.عبة:
-في مقب.رة فرعونية تحت عمارتكم، شايفها هنا من مكاني، مش أي مقب.رة، دي بتاعة حد مهم، حد اتدف.ن معاه كنوز ياما، هنقب كلنا على وش الدنيا…
التلاتة بيبصوا لبعض وبيبتسموا وعنيهم بتلمع…
-بس في شرط عشان الرصد يسمحلنا نحفر ونلاقي الكنوز…د.م، د.م كتير، بني آدم يتصفى من د.مه…
“لميا” حواجبها بتتع.قد وبتبصله بغض.ب وبتقول:
-د.م إيه وبتاع إيه؟ إحنا مش هنأ.ذي حد، مسمحش بكده، تغور الكنوز، أعرف ناس لقوا مقب.رة من حفر حمار، من غير ما يدب.حوا حد، شكرًا يا…يا “شيخ”، ارجع بلدك، مش عايزين حاجة…
اتنقلت للجراج تاني، المرة دي “فضل” موجود مع الراجل اللي عرفت سبب الهيبة بتاعته وخو.في منه لما شوفته أول مرة…
بيقول كلام غريب، طلا.سم، و”فضل” بيحفر، بيحفر…
الصوت مكتوم، وده عشان السح.ر بتاع الراجل، كتم الصوت بحيث محدش من السكان يسمع الحفر…
إزاي المقب.رة اتفتحت، “لميا” فين، الكلب فين؟
فتحت عيني، قمت من الأرض، أخدت مفتاحي ونزلت الجراج…
وصلت لنفس المكان اللي شفته في الحلم، لقيت الكليم، شلته وشفت الحفرة الغويطة، نزلت على عمق كبير، وبفلاش الموبايل بدأت أمشي تحت الأرض…
بعد شوية شفته هناك، تابوت!
تابوت عليه نقوش فرعونية، تابوت دهب، وجنبه تماثيل وبرديات وحيطان مكتوب عليها بالهيروغليفي، بس …في حاجة تانية، جث.ة، اتنين، تلاتة…
الكلب و”لميا” و”البواب”، الكلب اتق.تل عشان ميفضحش “فضل” ويكشف المقبرة لباقي السكان بالنب.اح بتاعه و”لميا” اتق.تلت عشان د.مها يفتح المقبرة وعشان برضه موافقتش على ق.تل حد وكانت هتقف قدامهم وتبقى عائق، والبواب اكتشف بطريقة ما الحفرة وأكيد عدى على “فضل” وقال له على فلوس الصيانة وعلى النقرة في الجراج، من غير إدراك المسكين عرف بوجودها بس مكنش عنده فكرة إيه اللي تحتها…
حسيت بهزة رهيبة وقعتني، الهزة كانت للحظات بس، لكن كانت قوية، طلعت بسرعة بنفس الحبل اللي نزلت بيه واللي كان موجود في المقب.رة…
وده عشان سمعت صوته “الج.ن الإسود”…..
– السقف هيقع، د.مار، د.مار، د.مار..
فهمت، أخيرًا فهمت، السقف هيقع، العمارة هت.تهد!
الموضوع أكبر مما “فضل” متخيل، الحراس فتحوا المقبرة صحيح، بس مكنوش هيسمحوا إنها تتلمس، وكان لازم ترجع تتقفل، هيه.دوا العمارة ويساوونا بالأرض!
“فضل” كان غلطان، الرصد مسمحوش، مسمحوش…
جريت على كل شقة، خبطت بكل قوتي على الأبواب، فضلت أزعق:
=أنزلوا، أنزلوا، العمارة هتقع، انزلوا…
لكن للأسف اتأخرت، حصلت هزة تانية وتالتة، كنت شايف الحيطان والسلالم بتن.هار، حسيت بو.جع رهيب في راسي، طوب وقع عليا، اللقطة اللي بعدها ناس كتير بتص.رخ، عيني مش عارف أفتحهم للآخر، الد.م كان مغطيهم، شايف عيون مفتحة على الآخر مش بتطرف وأجسام مش بتتحرك، ج.ثث في كل حته، ومصابين وناس ماشية بالعافية بتتخبط وبتص.رخ، وبعدها….صحيت…
لقيت نفسي لسه على الأرض في أوضتي، بصيت على الكاحل بتاع رجلي الاتنين لقيت آثار صوابع، الج.ن! هو اللي وراني كل ده، بداية من اكتشاف “فضل” للمق.برة واللي عمله في مراته والبواب والكلب والحفرة والمقب.رة وبعديهم وراني اللي هيحصل في العمارة واللي هيصيب الناس…
المرة دي كنت صحيت فعلًا الحلم خلص وكان لازم أتحرك فورًا..
بدأت ب”سعد”، خبطت عليه وقلتله إن العمارة هتت.هد ولازم يثق فيا وإن مفيش وقت للشرح، لازم نعدي على الشقق كلهم ونحذرهم، نقول إن في حر.يقة عشان يخرجوا…
عملنا كده، والناس كلها نزلت من العمارة، إلا واحد نزل على الجراج وهو “فضل”، رفض يخرج…
وقفنا قدام العمارة بنراقبها، مفيش حاجة حصلت، خطوط العرق بدأت تتجمع على وشي، منظري صعب أوي، لا في ح.ريقة ولا المبنى بيتلخلخ ويقع زي ما الج.ن وراني…
بس بعد دقايق، شفنا العمارة بتتمايل، وفي صوت قوي خرج منها…أنا متأكد، كلنا سمعناه بوضوح، كانت زمجرة، مش صوت طبيعي، مش صوت بني آدم، كإن الصوت البوق اللي بينبأ بحدث عظيم، بعدها المبنى مبقاش بس بيتمايل، ده اته.د مرة واحدة، في ثواني العمارة اللي هي أسمنت وطوب وشقق وسلالم وذكريات، بقت عالأرض، كله نجي إلا ضح.ية واحدة، “فضل”، لكن أنا عارف كويس و”سعد” اللي حكتله بعد كده إنه مكنش ضح.ية ولا حاجة، ده قا.تل، مج.رم، يستاهل اللي حصل له….
أنا كنت واثق إنه ج.ن، الطائر الإسود، لكن لما عملت بحث عن مواصفاته لقيت إنه مش أول مرة يظهر، ده ظهر في مدينة أمريكية ، 100 واحد شافوه قبل ما كوبري يقع ومعاه يروح ضح.ايا كتير، يغرقوا في النهر اللي تحت الكوبري، ومبقتش متأكد إ ذا كان ج.ن ولا كائن تاني الله أعلم بيه، اللي أعرفه إنه كان بيحذرنا، بيحاول يحمينا من مصير مؤل.م وإنه ملوش علاقة مباشرة بالمقب.رة الفرعونية، مش رصد يعني….
كل ده، من البداية كنا بنخلط ما بين الصديق والعد.و، ما بين كيان بيحاول ينقذنا وغيره بيطع.ننا في ضهرنا، والعد.و كان قدامنا طول الوقت في صورة صديق بيدور عالحقيقة معانا…
صاحب العمارة طلع راجل جدع، لما عرف باللي حصل أخدنا كلنا في عمارة جديدة ملكه مكنتش سكنت، كل واحد خد شقة وبقى يدفع تمنها بالتقسيط المريح جدًا…
عي.ب القصة دي كلها هو إن الناس افتكرتني حد حبوب ومهتم وبطل منقذ لحياتهم وكلام فارغ من ده، وللأسف، من ساعتها وهم مش عاتقني، كل شوية عزومات على ولايم ومناسبات وفطار رمضان وقعدة كحك العيد مع الشاي وأعياد ميلاد، ويلبسوني طرطور ويخلوني أنفخ بلالين، بقى أنا، أنا أنفخ بلالين، وتفرقع في وشي؟ أشوفهم كلهم مفرقعين، وحياتي بقت اجتماعيات في اجتماعيات وحاجة ني.لة، ومهما حاولت، مهما اديتهم الوش الخشب، اللي هو العادي بتاعي يعني، مش بيبطلوا يخبطوا على بابي ولا يجروني لأبوابهم، ياريت الطائر الإسود ييجي يغششني أعمل إيه عشان أنقذ نفسي، أعمل إيه؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى